أحدث الأخبار
أخبار منوعة
‏إظهار الرسائل ذات التسميات إسلاميات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات إسلاميات. إظهار كافة الرسائل

السبت، 30 يناير 2016

السلطان محمد الثالث الشاعر المجاهد


سيرة عطرة لأبطال الدولة العثمانية
السلطان محمد الثالث.. الشاعر المجاهد

هو السلطان محمد الثالث بن مراد الثالث بن سليم الثاني بن سليمان القانوني بن سليم الأول بن بايزيد الثاني بن محمد الفاتح بن مراد الثاني بن محمد الأول جلبي بن بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغل هو الخليفة العثماني الثالث عشر من سلاطين الدولة العثمانية.
ولد فِي 7 ذِي الْقعدَة سنة 974هـ / 16 ماي سنة 1566م أمه جارية بندقية الأصل اشتراها السلطان مراد الثالث واصطفاها لنفسه. نال السلطان محمد الثالث تعليما جيدا على يد المؤرخ سعد الدين أفندي وكان مولعا بالشعر مثل أجداده واستخدم لقب (عدلي) في أشعاره. وكان السلطان طيب القلب وكثير التأثر بالغير.

إصلاحاته
جلس محمد الثالث على سرير السلطنة عام 1003هـ / 1595م بعد وفاة والده باثني عشر يومًا لأنه كان مقيمًا في مغنيسا. ولم يسلم محمد خان الثالث من الاتهامات التي وجهت إليه كما وجهت إلى من تولى قبله فقد اتهم بقتل تسعة عشر من إخوته وقتل عشر من أخواته كذلك وقيل عشرة من نساء أبيه كلهم حبالى وقد ترددت تلك الفرية لدى بعض كتاب التاريخ العثماني بل ذهب بعضهم أن من دبَّر ذلك هي أمه صفية البندقية!!
ولعمر الله كيف يُقدِم رجل على فعل هذه الأعمال الشنيعة ثم يُنزِل الله عليه النصر؟! ولقد اتهم محمد الفاتح بمثل هذا الاتهام من قبل ونال بشارة رسول الله بفتح القسطنطينية فكيف يرتكب هذه الكبيرة ثم ينزل الله عليه النصر؟! إنها روايات ملفقة عن هؤلاء العظام حتى لا يعرف الناس حقيقة جهادهم وما فعلوه لأجل الإسلام والمسلمين.
وَفِي أوائل حكم السلطان محمد الثالث سَار على أثر سلفه فِي عدم الْخُرُوج إِلَى الْحَرْب وَترك سياسة الدولة الداخلية فِي أيدي وزرائه الَّذين مِنْهُم سِنَان باشا وجفالة زَاده الجنوي الأَصْل وَآخر يدعى حسن باشا ففسدوا فِي الأرض وَبَاعُوا المناصب الملكية والعسكرية وقللوا عيار العملة حَتَّى علا الضجيج من جَمِيع الْجِهَات وتعاقب انهزام الجيوش العثمانية أمام ميخائيل الفلاحي فضم لسلطانه بمساعدة الجيوش النمساوية وإقليم البغدان وجزءا عَظِيما من ترانسلفانيا لعدم وجود القواد الأكفاء لصدهم.
عندئذ قام السلطان محمد الثالث بإصلاح الأحوال المختلفة في داخل السلطنة وعزل بعض رجال الدولة ونصب مكانهم من وجد فيهم الإخلاص والأهلية.

قائد معركة هاجوفا أو كرزت
ورغم حالة الضعف والتدهور التي كانت قد بدأت تعتري الدولة العثمانية إلا أن راية الجهاد ضد الصليبيين ظلت مرفوعة فقد نشب في عهده العديد من المعارك مع الأفلاق وبغداد ثم الجر والنمسا واستولى على مدينة بوخارست غير أن جيوش الدولة انهزمت في يركوكي.
ومما يذكر للسلطان محمد الثالث أنه لما تحقق له أن ضعف الدولة في حروبها بسبب عدم خروج السلاطين وقيادة الجيوش بأنفسهم برز بنفسه وتقلد المركز الذي تركه سليم الثاني ومراد الثالث ألا وهو قيادة عموم الجيوش فسار إلى بلغراد ومنها إلى ميادين الوغى والجهاد.
وبمجرد خروجه دبت في الجيوش الحمية الدينية والغيرة العسكرية ففتح قلعة (أرلو الحصينة) التي عجز السلطان سليمان القانوني عن فتحها في سنة 963هـ / 1556م ودمر جيوش المجر والنمسا في معركة هاجوفا بسهل كرزت بالقرب من هذه القلعة في ربيع الأول 1004هـ / 26 أكتوبر سنة 1596م حتى شبهت هذه الموقعة بواقعة (موهاكز) التي انتصر فيها السلطان سليمان القانوني سنة 932هـ / 1526م.
غير أن سرعة عودة السلطان إلى إستانبول حال دون الحصول على نتائج ملموسة من ذلك الانتصار مما دفع إبراهيم أفندي -الذي كان حاضرًا في تلك الواقعة أن يقول: (إنه لو أمضت العساكر العثمانية شتاء ذلك العام بالحدود ثم تقدمت في الربيع لكان أمكن افتتاح مدينة فيينا). وبعد هذه المعركة استمرت الحروب دون أن تقع معركة حاسمة].

ثورة قره يازيجي
وَفِي ابْتِدَاء الْقرن السَّابِع عشر للميلاد حصلت فِي بِلَاد الأناضول ثورة داخلية كَادَت تكون وخيمة الْعَاقِبَة على الدولة العثمانية خُصُوصا ونيران الحروب مستعر لهيبها على حُدُود المجر والنمسا وَذَلِكَ أن فرقة من الجيوش الْمُؤجرَة ويسمونها بالتركية (علوفه جي) الَّتِي هِيَ بِالنِّسْبَةِ للإنكشارية كنسبة الباشبوزق للجيوش المنتظمة لم تثبت فِي وَاقعَة هاجوفا أو كرزت بل ولت الأدبار وركنت إِلَى الْفِرَار فنفيت إِلَى ولايات آسيا وأُطلق عَلَيْهَا اسْم (فراري) تحقيرا لَهُم وعبرة لغَيرهم.
وَهُنَاكَ ادّعى أحْدُ رُؤَسَائِهِمْ واسْمه (قره يازيجي) أن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَهُ منامًا ووعده بالنصر على آل عُثْمَان وَفتح ولايات آسيا فَتَبِعَهُ كثير من هَذِه الفئة وشق عَصا الطَّاعَة وتغلب على وَالِي القرمان وَدخل مَدِينَة عين تَابَ عنْوَة فأرسل السلطان العثماني محمد الثالث إليه الجيوش التي حاصرته فِيهَا وَلما رأى أن لَا مناص لَهُ من التَّسْلِيم أوْ الْمَوْت عرض على الْوَزير المحاصر لَهُ الطَّاعَة للسُّلْطَان بِشَرْط تَعْيِينه واليا لأماسيا فَقبل شَرطه وَرفع عَنهُ الْحصار.
لَكِن بِمُجَرَّد ابتعاد الجيوش عَنهُ رفع راية الْعِصْيَان ثَانِيًا واتحد مَعَ أخيه الْمُسَمّى (دُلي حسن) وَالِي بغداد فَاتبع وَسْوَسَة أخيه وَكفر بِنِعْمَة الدولة وجاهر بعصيانها فأرسل السلطان صقللي حسن باشا مَعَ جَيش جرار لمحاربتهما وانتصر على قره يازيجي وألجأه إِلَى الاحتماء بجبال جانق على الْبَحْر الأسود حَيْثُ توفّي من الْجراح الَّتِي أصابته فِي الْحَرْب تَارِكًا أخاه للأخذ بثأره.
وفعلا فَازَ الدلي حسن على صقللي حسن باشا وَقَتله على أسوار مَدِينَة توقات ثمَّ هزم وُلَاة ديار بكر وحلب ودمشق وحاصر مَدِينَة كوتاهية فِي سنة1010هـ / 1601م واستفحل أمْرَهْ حَتَّى خيفت الْعَاقِبَة.
وَلما رأت الدولة تجسم هَذِه النَّازِلَة أخذت فِي اسْتِعْمَال طرق السّلم والتودد فأجزلت إليه العطايا وأغدقت عَلَيْهِ الهبات ثمَّ عرضت عَلَيْهِ ولَايَة بوسنة فَقبل بعد تعللات كَثِيرَة وَوضع السِّلَاح وأعلن بإخلاصه للدولة العثمانية سنة 1012هـ / 1603م وسافر بجُنُوده من انْضَمَّ إليها من أخلاط الأكراد وأوباش القرمان وَاسْتعْمل قوته لمحاربة الإفرنج على حُدُود الدولة من جِهَة أوروبا حَتَّى هَلَكت جيوشه عَن آخرهَا فِي المناوشات المستمرة بَينهَا وَبَين عَسَاكِر المجر والنمسا.

ثورة الخيالة
وأعقبت هَذِه الثورة الْعَظِيمَة ثورة أخرى فِي عاصمة الخلافة الأستانة كَاد شَرها يتَعَدَّى إِلَى نفس الْخَلِيفَة الأعظم وَذَلِكَ أن جنود السباه أَي الخيالة طلبُوا من الدولة أن تعوض عَلَيْهِم مَا فقدوه من ريع الإقطاعات المعطاة لَهُم فِي بِلَاد آسيا الَّتِي كَانُوا يسمونها (تمارا) بِسَبَب فتْنَة قره يازيجي ودلي حسن بآسيا الصُّغْرَى وَلما لم يكن فِي وسع الدولة تَلْبِيَة طَلَبهمْ لنَقص دَخلهَا هِيَ أيضا بِسَبَب هَذِه الْفِتْنَة تمردوا وثاروا وطلبوا نهب مَا فِي الْمَسَاجِد من التحف الذهبية والفضية فاستعانت الدولة عَلَيْهِم بِجُنُود الإنكشارية وأدخلتهم فِي طاعتها بعد سفك الدِّمَاء وَلَو اتَّحد الانكشارية مَعَهم وساعدوهم على مطالبهم لخيف على حَيَاة الدولة من الدَّاخِل وَالْخَارِج.

وفاته
كانت وفاة السلطان محمد الثالث رحمه الله في نهار الأحد الثامن عشر من رجب سنة 1012هـ / 16 ديسمبر سنة 1603م وَخَلفه ابْنه السلطان أحمد الأول ومده حكمه تسع سنين وشهران ويومان وله من العمر 37 سنة ودفن بجوار مسجد آياصوفيا.
وكان السلطان محمد الثالث عندما يسمع اسم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقوم إجلالًا واحترامًا لسيد الكائنات ولجهاده وفتوحاته أطلق عليه لقب (أغري) أي فاتح.

الاثنين، 18 يناير 2016

من الكتاب والسنة.. الحكم الشرعي في الحجاب



إن حجاب المرأة المسلمة فرض على كل من بلغت سن التكليف، وهي السن التي ترى فيها الأنثى الحيض، وهذا الحكم ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، فالكتاب، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}، [الأحزاب: 59].
وقال تعالى في سورة النور: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}، [النور: 31].
والمراد بالخمار في الآية هو غطاء شعر الرأس، وهذا نص من القرآن صريح، ودلالته لا تقبل التأويل لمعنى آخر.
وأما الحديث فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا، وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ»، رواه أبو داود.
ويقول صلوات الله وسلامه عليه: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ - من بلغت سن المحيض- إِلَّا بِخِمَارٍ»، رواه الخمسة إلا النسائي.


وقد أجمعت الأمة الإسلامية سلفًا وخلفًا على وجوب الحجاب، وهذا من المعلوم من الدين بالضرورة، والحجاب لا يعد من قبيل العلامات التي تميز المسلمين عن غيرهم، بل هو من قبيل الفرض اللازم الذي هو جزء من الدين.

شخصية المرأة المسلمة في ضوء الكتاب والسنة.


بسم الله الرحمن الرحيم

 كتاب " شخصية المرأة المسلمة في ضوء الكتاب والسنة " للأخ الكريم " الدكتور محمد عمر حاجي " يتحدث عن المرأة التي هي نصف المجتمع البشري، والتي ظلمت عبر حقب طويلة من تاريخ الإنسانية، فجاء الإسلام الذي هو منهج الله في الأرض، فكرمها وأعطاها الحقوق التي تليق بإنسانيتها ، كما أنه كلفها بواجبات منوطة بها تؤكد من خلالها رسالتها في الحياة التي خصها الله بها، وقد توجهت في هذا التقديم إلى توضيح موضوع مساواة المرأة بالرجل من خلال الكتاب والسنة
* * * * *
 المرأة في الإسلام وفي ضوء الكتاب والسنة مساوية للرجل تماماً، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾
يا أيها الناس: تعني الرجال والنساء.
 فالمشاعر التي يشعر بها الرجل تشعر بها المرأة، والقيم التي يسمو إليها الرجل تسمو إليها المرأة، والبطولة التي يحققها الرجل تحققها المرأة، فالرجل والمرأة من نفس واحدة. 
المرأة من حيث هي إنسان مشابهة للرجل تماماً، لقول النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو داود وأحمد والترمذي: 
(( إنما النساء شقائق الرجال ))
 ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: 
(( عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَثَلِ الْبَهِيمَةِ تُنْتَجُ الْبَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ ))
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وأحمد ومالك]
 والمولود: يعني ذكراً كان أو أنثى.
 وأية نظرة إلى المرأة على أنها من طبيعة أخرى، هي دون الرجل تعد نظرة جاهلية، لا يقرها الإسلام، ولا يقبلها بل جاء ليحاربها.
 فكما أن الرجل يستقيم، كذلك المرأة تستقيم، وكما أن الرجل ينحرف، كذلك المرأة تنحرف ؛ يؤمن وتؤمن، يكفر وتكفر، يطيع وتطيع، يعصي وتعصي، ، يسمو وتسمو، يرقى وترقى. قال تعالى: 
﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)﴾
[سورة الشمس]
والنفس تعني: ذكراً كان أو أنثى.
 فألهمها فجورها وتقواها: أي ركّب في فطرة الإنسان ذكراً كان أو أنثى أنها تعرف طريق فجورها، وطريق تقواها، وأنها إذا اتقت أو إذا فجرت تعلم بفطرتها أنها اتقت أو فجرت.
هذا هو الإسلام من منابعه، هذا هو الإسلام من مصادره، العبرة لا بالواقع الذي يعيشه المسلمون، ولكن بالمبادئ السامية التي جاء بها الكتاب والسنة.
 في إحدى بنود قانون حمورابي الذي يدرسونه في كليات الحقوق أنه من قتل بنتاً لرجل كان عليه أن يسلم بنته لذاك الرجل ليقتلها !!.. ما ذنبها ؟ ما ذنب ابنة القاتل لتقتل مكان المقتولة ؟.
 قال تعالى في القرآن الكريم: 
﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9)﴾
[سورة التكوير]
 ومن مظاهر المساواة، المساواة في القصاص، قال الله عز وجل: 
﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)﴾
[سورة البقرة]
وفقهاء الشريعة الإسلامية يقررون أن الرجل يُقتل بقتل المرأة، فكرامتها من كرامته، وكرامته من كرامتها.
 بل إن الإسلام العظيم جعل الذين يرمون المحصنات الغافلات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء جعل قصاصهم أن يُجلدوا ثمانين جلدة، وألا تُقبل لهم شهادة أبداً، حتى لو تابوا لابد من أن يُجلدوا ثمانين جلدة، فالحدود لا تسقط بالتوبة 
 والمرأة مساوية للرجل في حقها في الميراث، قال تعالى: 
﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (7)﴾
[سورة النساء]
 وأما أن للذكر مثل حظ الأنثين فله تفصيل رائع يتناسب مع شمولية منهج الله في الأرض 
 ثم إن المرأة مساوية للرجل تماماً في الأقارير (جمع إقرار) والعقود والتصرفات. يعني بإمكانها أن تشتري، وأن تبيع، وأن تقرَّ بيعاً أو شراءً، فالتبرع، والصدقة، والدين، والوقف، والكفالة، والوكالة، هذه كلها تتساوى فيه المرأة مع الرجل 
 إن المرأة مساوية للرجل في أنها مكلفة بأركان الإيمان، ومكلفة بكل التكاليف الشرعية التي كلف الله بها الرجل. الأدلة من كتاب الله: 
﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (35)﴾
[سورة الأحزاب]
 لو أن الله سبحانه وتعالى قال: إن المسلمين، والمؤمنين والقانتين والصادقين والصابرين والخاشعين... لكانت هذه الآية تشمل الرجال والنساء، ولكن الله أراد أن يؤكد، وأن يبين، وأن يزيل اللبس من أن المرأة كالرجل مساوية له تماماً في التكاليف الشرعية، وفي أركان الإيمان، وفي أركان الإسلام.
دليل آخر: 
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)﴾
(سورة النحل)
 ودليل ثالث: 
﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾
[سورة آل عمران]
 بل إن المرأة مخلوق مستقل من حيث مسئوليته عن عمله عن الرجل، وهي مكلفة استقلالاً بالتكاليف الشرعية، وفي الحديث الصحيح:
(( والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها ))
[متفق عليه]
 أوضح شاهد امرأة فرعون، قال عليه الصلاة والسلام:
(( كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا أربع آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ))
 آسية زوجة رجل ادعى الألوهية، وأذلَّ الناس، قتَّل أبناءهم واستحيا نساءهم، ولم يستطع بكل جبروته أن يحمل امرأته على أن تعبده كما يعبده كل الناس، قالت: 
﴿ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)﴾
[سورة التحريم]
 معنى ذلك أن المرأة مستقلة استقلالاً تاماً في أنها مكلفة بأركان الإيمان وأركان الإسلام، والتكاليف الشرعية، وتُحاسب وحدها عن تقصيرها 
 قال تعالى: 
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (8)﴾
[سورة الزلزلة]
 والمرأة أيضاً مساوية للرجل في وجوب التربية والتهذيب، قال تعالى: 
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)﴾
[سورة التحريم]
الأهل في القرآن الكريم الزوجة والأولاد.
 وقد قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي:
(( ما نحل والد ولده من نحلة أفضل من أدب حسن ))
والولد: ذكراً كان أو أنثى.
 وابن ماجه يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ما من مسلم له بنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه أو صحبهما إلا أدخلتاه الجنة".
(( وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ أَوِ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ وَاتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ ))
[أخرجه الترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه]
 وفي رواية تضاف إلى هذا الحديث: 
(( فأدبهن، وأحسن إليهن، وزوجهن فله الجنة ))
 والمرأة مساوية للرجل تماماً في العلم الواجب العيني، وفي العلم الواجب الكفائي، فإذا كانت مكلفة بأركان الإيمان، وأركان الإسلام، وبأحكام الشريعة، فهذا لا يكون هذا إلا بالعلم، قال تعالى: 
﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (114)﴾
[سورة طه]
 طلب العلم فريضة على كل مسلم أي على كل شخص مسلم ذكراً كان أو أنثى.
 وقال عليه الصلاة والسلام: 
(( عن عبد الله بن قيس قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ وَلِيدَةٌ فَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا وَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِي فَلَهُ أَجْرَانِ وَأَيُّمَا مَمْلُوكٍ أَدَّى حَقَّ مَوَالِيهِ وَحَقَّ رَبِّهِ فَلَهُ أَجْرَانِ ))
[متفق عليه]
(( وقال عروة بن الزبير يصف خالته السيدة عائشة رضي الله عنها قال: ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة رضي الله عنها ))
 وكثيرة جداً الأحاديث التي روتها أمهات المؤمنين، وكثيرة جداً تلك الأقوال المنسوبة إليهن في التفسير، وفقه الحديث، وكثيرات جداً النساء اللواتي حفظن كتاب الله، أو حفظن كثيره.
 والمرأة مساوية للرجل في وجوب تمسكها بالأخلاق الباطنة من طهارة القلب، وسلامة القصد، والأخلاق الظاهرة من ضبط اللسان وضبط الجوارح والأعضاء. قال تعالى: 
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110)﴾
[سورة الكهف]
ذكراً كان أو أنثى.
 والمرأة مساوية للرجل في وجوب تحقيق الكليات الست التي جاء الإسلام من أجلها. فالإسلام يقوم على كليات ست، من اعتدى على إحداهن فله في نص القرآن الكريم عقوبة محددة ذكراً كان أم أنثى هي الحد الذي جاء به القرآن الكريم وفصلته السنة.
 " الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال، والأمن "
 النفس: والقصاص يصيب الرجال كما يصيب النساء
﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)﴾
[سورة البقرة]
 المال: قال تعالى:
﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)﴾
[سورة المائدة]
العقل: شارب الخمر ينبغي أن يُجلد ثمانين جلدلة ذكراً كان أم أنثى 
 العرض: من اعتدى على أعراض الآخرين فعقوبته الجلد أو الرجم ذكرا كان أو أنثى:
﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾
[سورة النور]
 الأمن: فمن حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فساداً، إما أن يقتل، وإما أن يقطع ذكراً كان أو أنثى.
حتى إن الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة في الدعوة إلى الله، ينبغي أن تنقل ما تعلمته إلى أخواتها، وعليها أن تنشر هذا الدين لقول الله تعالى: 
﴿ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)﴾
(سورة القصر)
السيدة خديجة حينما جاء النبيَ الوحي، جاء إليها وقال لها: خشيت على نفسي، فماذا قالت ؟ قالت:
 كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكل، وتعين على نوائب الدهر.
لقد كانت رضي الله عنها مع النبي في دعوته.
 وأول امرأة شهيدة قُتلت في الإسلام: سمية وزوجها ياسر قتلا دفاعاً عن عقيدتهما، وعن تمسكهما بهذا الدين القويم، فالمرأة أيضاً تدعو إلى الله، وتنشر هذا الدين في الحقل الذي يناسبها، وفي الحدود التي يسمح لها به.
هذه نصوص الكتاب والسنة، التي تبين أن المرأة إنسان بكل ما في هذه الكلمة من معنى، وأنها مساوية للرجل بكل ما في هذه الكلمة من معنى.
والحمد لله رب العالمين

ثماني ثمرات في صلاة الفجر احرص ان لا تضيعها


الثمرة الأولى

صلاة الفجر تعدل قيام ليلة كاملة قال صلى الله عليه و سلم
) من صلى العشـاء في جماعة فكانما قــام نصف الليل ومـن صلىالصبح في جماعة فكانما قام الليل كله (رواه مسلم .



الثمرة الثانية
الحفظ في ذمة الله لمن صلى الفجر قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
(من صلى الصبح فهو في ذمة الله ( رواه مسلم .



الثمرة الثالثة
نور يوم القيامة قال صلى الله عليه و سلم
(بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)



الثمرة الرابعة
دخول الجنة لمن يصلي الفجر في جماعة قال صلى الله عليه و سلم (من صلى البردين دخل الجنة- والبردين هما الفجر و العصر)



الثمرة الخامسة
يُمنع الرزق و بركته قال ابن القيم
) ونومة الصبح تمنع الرزق لانه وقت تُقسم فيه الأرزاق(


الثمرة السادسة
قال صلى الله عليه و سلم
) ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ( رواه الترمذى



الثمرة السابعة
تقرير مشرف يُرفع لرب السماء عنك قال صلى الله عليه وسلم
)‏ يتعاقبون ‏‏فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهـار ويجتمعون في صلاةالعصروصلاة الفجر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم ‏ كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون ‏) رواه البخارى .



الثمرة الثامنة

الفجر الرزق والبركة لمن صلى جماعة قـال صلى الله عليه وسلم
(اللهم بارك لأمتي في بكورها (رواه الترميذى

اللهم إجعلنا من المحافظين عليها يارب

سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيــم

الخميس، 31 ديسمبر 2015

رسائل من بدر


غزوة بدر.. أول تجربة عسكرية للرعيل الأول من المسلمين, ولحظة الفرقان بين حق يؤسس دولته وباطل ألقى بصناديده إلى جوف الصحراء!.
نستحضر ذكراها ساعين لرصد امتداداتها في واقع الأمة, باحثين في ثناياها وتفاصيلها عن رسائل تسعف المسلم المعاصر في تفاعله اليومي مع صور الباطل وتجلياته. ولعلنا اليوم أحوج ما نكون إلى قراءة متجددة لا تقف عند استعادة الحدث كقطعة أثرية لا مزية لها سوى إثارة الإعجاب والحنين!.
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان, ومعه القلة المؤمنة المستضعفة, لاعتراض قافلة أبي سفيان واسترداد ما نهبته قريش من أموال المهاجرين ومتاعهم. غير أن المشيئة الإلهية هيأت لما هو أعظم من الإيقاع بقافلة واسترداد ممتلكات, فقد تطورت الأحداث لتفضي إلى مواجهة غير متكافئة أسفرت عن نصر عظيم للقلة المؤمنة, وعن رسائل تستنهض عزيمة المسلمين كلما لاحت بوادر الالتحام بقوى الباطل على شتى الجبهات, عسكرية كانت أو اقتصادية أو فكرية أو إعلامية!.
الرسالة الأولى: القوة المادية لا تعادل قوة الروح
تنقل إلينا كتب السيرة نماذج من الحوار والمشادة الكلامية بين صناديد قريش قبل المعركة, تعكس التردد والوهن النفسي وتضارب الآراء بشأن الجدوى من القتال بعد أن تمكن أبو سفيان من الإفلات بالقافلة. يأبى أمية بن خلف الخروج فيستفز عقبة بن أبي معيط رجولته قائلا: تجمر (تبخر) فإنما أنت من النساء, فيرد أمية: قبحك الله وقبح ما جئت به, ثم يتجهز للخروج مكرها. ويقوم عتبة بن ربيعة خطيبا فيقول: "يا مشعر قريش, إنكم والله ما تصنعون أن تلقوا محمدا وأصحابه شيئا, والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه, قتل ابن عمه أو ابن خاله أو رجلا من عشيرته. فارجعوا وخلوا بين محمد وسائر العرب, فإن أصابوه فذلك الذي أردتم, وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تتعرضوا منه ما يريدون". لكن الحقد الذي يضطرم في قلب أبي جهل يحمله على تحريض عامر ابن الحضرمي ليصرخ مناديا بالثأر فتجتمع النفوس مجددا على المواجهة.
كانت قريش تتقدم للمعركة بصفوف مهزوزة ونفوس أوهنها التردد والتخاذل, فلم يثبت جيش يناهز عدد مقاتليه ألفا إلا ساعة من نهار أمام قلة مؤمنة صابرة بالكاد تبلغ ثلثه! لكنها قوة الروح التي لا تكافئها قوة المادة, يقول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه (خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم) ذلك أن قواد الحروب في القرنين الحاضر والسابق قدروا أثر القوة الحربية المادية بالنسبة للقوة المعنوية بواحد إلى ثلاثة. لكنه تقدير أهل الخبرة وهم يخطئون ويصيبون, أما تقدير الله تعالى فهو أعلى من ذلك إذ قدر الواحد من أهل الإيمان في حال القوة التي لا ضعف معها بعشرة من أهل الكفر فقال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} (الأنفال: 65).
الرسالة الثانية: الحرب في ديننا فضيلة
يأبى الإسلام إلا أن يحفظ كرامة الإنسان المخالف في العقيدة حتى في ساحة المعركة, فينهى عن التمثيل بالجثث وتشويه معالمها, كما ينهى عن تركها فريسة للسباع والطير. والرسول صلى الله عليه وسلم الذي جاء بوحي يكرم الإنسان حيا وميتا حرص عقب المعركة على تفعيل هذا المبدأ السامي حين أمر أصحابه بدفن جثث القتلى من قريش في بئر جافة تدعى القليب, إلا أمية بن خلف الذي انتفخت جثته في درعه واستعصى عليهم إخراجها, فألقوا عليها ما غيبها من التراب والحجارة.
إن الإسلام حين أباح الحرب لم يغفل عن إحاطتها بسياج من الرحمة لم تشهد له الإنسانية نظيرا حتى في ظل ما يسمى بأحكام القانون الدولي, ذلك أن الأحكام الإسلامية الحربية برأي الدكتور عفيف طبارة في كتابه (روح الدين الإسلامي) تتفق مع أحكام القانون الدولي في كثير من المواضع, إلا أنها تخالفها من جهة أنها أحكام دينية شرعها الدين ويقوم بتنفيذها إيمان المسلمين, وأما أحكام القانون الدولي فليس لها قوة تنفيذية تكفل إمضاءها. ويكفي أن يتابع المرء ما تنقله الفضائيات من مشاهد السحل والتعذيب والتمثيل والإحراق ليدرك البون الشاسع والهوة المؤلمة بين منظومتين حضاريتين!.
الرسالة الثالثة: المساواة ورقة رابحة
خرجت القلة المؤمنة من المدينة وليس معها من الإبل غير سبعين بعيرا يتعاقبها الإثنان والثلاثة والأربعة, فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق مثال لمساواة القائد بجنده في الصعاب. عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير. كان أبو لبابة وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وكانت عقبة رسول الله فقالا: نحن نمشي عنك, فقال: ما أنتما بأقوى مني, ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما".
إن المساواة حين تفرض نفسها كمبدأ يحكم العلاقة بين الطرفين لا يحتاج الجند إلى ما يشحذ الحماس في صدره لمواجهة الصعاب. والرسول صلى الله عليه وسلم في تقريره للمساواة كقيمة إنسانية يحرر النفوس من بقايا التفاضل المصطنع الذي انبنت عليه العلاقات الاجتماعية قبل الرسالة. لكن إذا كان الإسلام يلغي التفاضل في الخلق والنشأة وما يترتب عنه من استعلاء, إلا أنه يقره فيما يندرج تحت مسؤولية الفرد واختياره وقدراته, فيظل قائما في مضمار التسابق لفعل الخيرات والمبادرة للطاعات واجتناب المنهيات. إنها مساواة مقيدة بنصوص الشرع التي لا تصادم طبيعة الأشياء: قال تعالى { أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} (ص: 28).
وقال سبحانه {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (الحديد: 10).
وقال عز من قائل { أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} (السجدة: 18).
الرسالة الرابعة: سقف الإيمان المثالي
تحقق في بدر الامتثال العجيب للمبدأ والمنهج على حساب القرابة والرحم, فكانت تجربة عز نظيرها وامتحانا للقلوب حازت القلة المؤمنة بفضله من المكانة ما ليس لغيرهم, حتى عُدت من المفاخر قولهم: فلان البدري!.
في ساحة المعركة التقت سيوف الأبناء والآباء والإخوة وأبناء العمومة والأصهار, لكن وشيجة الإيمان أوثق وأعز من أي دم أو قرابة. قتل أبو عبيدة أباه المشرك عبدالله بن الجراح, وقتل مصعب بن عمير أخاه عُبيدا, وأوصى الصحابي الذي أسر أخاه أبا عزيز أن يوثقه جيدا فإن أمه ذات متاع ولعلها تفديه, فيستغرب أخوه هذا الجفاء قائلا: أهذه وصاتك بي؟ فيرد مصعب: إنه أخي دونك! وبعد أن أسلم عبدالرحمن بن أبي بكر, وكان في صف الكفار يوم بدر, قال لأبيه: يا أبت لقد لقيتك يوم بدر فلويت وجهي عنك, فيرد الصديق قائلا: أما والله لو رأيتك في المعركة لقتلتك!.
إن إيثار العقيدة والمبدأ والقضية على الأب والابن والأخ لا يمكن أن يصدر إلا عن نفوس تشربت سمو المعاني والمبادئ والقيم التي جاءت بها الرسالة الخالدة. وعندما يكون الإسلام قضيتك حقا, يقول الدكتور أحمد خيري العمري, ليس كشعارات ترددها, أو كتب تقرؤها ومحاضرات ترتادها فإنه يصل إلى هذه الدرجة, درجة أنك تفضل (القضية) على ولدك حرفيا!.
الرسالة الخامسة: الدعاء سلاح
اصطفت القلة المؤمنة في تنظيم عسكري فريد لم تشهده حروب العرب, ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى العريش الذي بُني له, وأقبل على ربه يتضرع إليه ويناشده النصر الذي وعده قائلا: (اللهم أنجز لي ما وعدتني, اللهم إن تهلك هذه العصابة فلا تُعبد في الأرض أبدا), ويستغيث ربه حتى يسقط رداؤه, فيرده أبو بكر على منكبيه وهو يقول مشفقا: يا رسول الله كفاك مناشدتك ربك فإنه منجز لك ما وعدك.
يحيلنا هذا المشهد المؤثر على تلك المرحلة المفصلية في أي عمل إنساني. مرحلة يبلغها المسلم بعد أن استوفى كل الجهد والحركة في نطاق عالم الأسباب ليرفع كفيه إلى الله عز وجل معترفا بعجزه عن إتمام الصرح دون عون وتأييد ومباركة من خالقه. وهذا الإقرار بالعجز والافتقار والذلة يحمل المسلم على الاستحضار الدائم للقدرة والمشيئة الإلهيتين, فلا تلقي به دنيا الأسباب في مهاوي اليأس, ولا يستقل بإرادته في التصرف إلى الحد الذي ينفلت به من قيود المنهج.
لا شك أن هناك رسائل أخرى في طيات هذه الملحمة الإيمانية الفريدة يحتاج المسلم المعاصر إلى فك أسرارها وتعرف معانيها وامتداداتها في واقعه اليومي. وفي ظل النكسات المتتالية التي يرزح تحتها عالم المسلمين اليوم, تعوزنا القراءة المتجددة للسيرة النبوية وفق منظور يطابق الخطوة مع الطريق, ويستعيد البوصلة!

رفع الهمم إلى القمم


أنا إن عشت لست أعدم قوتا *** وإذا مت لست أعدم قبرا
همتّي همة الملوك ونفسي *** نفس حر ترى المذلة طفرا
 السلام على أهل الهمة.. فهم صفوة الأمم، وأهل المجد والكرم، طالت بهم أرواحهم إلى مراقي الصعود، مطالع السعود ومراتب الخلود.
ومن أراد المعالي هان عليه كل همّ.. لأنه لولا المشقة ساد الناس كلهم
ونصوص الوحي تناديك.. سارع ولا تلبث بناديك.. وسابق ولا تمكث بواديك
أمية بن خلف لما جلس مع الخلف أدركه التلف
ولما سمع بلال بن رباح حيّ على الفلاح أصبح من أهل الصلاح
اطلب الأعلى دائما وما عليك، فإن موسى لما اختصه الله بالكلام قال: {رب أرني أنظر إليك}
المجد لا يأتي هبة لكنه يحصل بالمناهبة
لما حمل الهدهد الرسالة، ذُكر في سورة النمل بالبسالة، نجحت النملة بالمثابرة وطول المصابرة
تريد المجد ولا تجدّ !!؟؟
تخطب المعالي وتنام الليالي !!؟؟
ترجو الجنة وتفرط في السنّة !!؟؟
قام رسولنا صلى الله عليه وسلم حتى تفطرت قدماه، وربط الحجر على بطنه من الجوع وهو العبد الأواه، وأُدميت عقباه بالحجارة وخاض بنفسه كل غارة
يُدعى أبو بكر من الأبواب الثمانية، لأن قلبه معلق بربه كل ثانية.. صرف للدين أقواله، وأصلح بالهدى أفعاله، وأقام بالحق أحواله، وأنفق في سبيل الله أمواله، وهاجر وترك عياله
لبس عمر المرقع، وتأوّه من ذكر الموت وتوجع، وأخذ الحيطة لدينه وتوقع، عدل وصدق وتهجد، وسأل الله أن يستشهد، فرزقه الله الشهادة في المسجد
اخرج من سرداب الأماني، وانفض غبار الكسل، فكل من سار على الدرب وصل
نسيت الآيات وأخّرت الصلوات، وأذهبت عمرك السهرات، وتريد الجنات؟؟ ويلك!!
والله ما شبع النمل حتى جد في الطلب.. وما ساد الأسد حتى وثب..
وما أصاب السهم حتى خرج من القوس.. الحمامة تبني عشها.. والحمرة تنقل عشها.. والعنكبوت تهندس بيتها.. والضب يحفر مغارة، والجرادة تبني عمارة..
وأنت لك مدة.. ورأسك على المخدة..
في الحديث (احرص على ما ينفعك) لأن ما ينفعك يرفعك (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)
بالقوة يبنى القصر المنيف وينال المجد الشريف
صاحب الهمة.. ما يهمه الحرّ، ولا يخيفه القرّ، ولا يزعجه الضرّ، ولا يقلقه المرّ، لأنه تدرع بالصبر.
صاحب الهمة.. يسبق الأمة إلى القمة {والسابقون السابقون أولئك المقربون} لأنهم على الصالحات دائمون.. في البر مجرّبون.
عمي بعض المحدثين من كثرة الرواية، فما كلّ ولا ملّ حتى بلغ النهاية
مشى أحمد بن حنبل من بغداد إلى صنعاء وأنت تَفْتُر في حفظ دعاء
سافر أحدهم إلى مصر وغدوه شهر ورواحه شهر في طلب حديث واحد ليدرك به المجد الخالد
ولولا المحنة ما دعي أحمد إمام السنة ووصل بالجلد إلى المجد
ووضع ابن تيمية في الزنزانة فبرز بالعلم زمانه
واعلم أن الماء الراكد فاسد لأنه لم يسافر ولم يجاهد
ولما جرى الماء صار مطلب الأحياء
بقيت على سطح البحر الجيفة لأنها خفيفة، وسافر الدرّ إلى قاع البحر فوضع من التكريم على النحر
فكن رجلا رجله في الثرى  * * *  وهامة همته في الثريا
يا كثير الرقاد.. أما لنومك نفاد؟؟
سوف تدفع الثمن يامن غلبه الوسن
تظن الحياة جلسة.. وكبسة.. ولبسة.. وخلسة؟؟
بل الحياة شريعة ودمعة وركعة ومحاربة بدعة
الله أمرنا بالعمل لينظر عملنا، وقال {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}
فالحياة عقيدة وجهاد، وصبر وجلاد، ونضال وكفاح، وبر وفلاح
لا مكان في الحياة لأكول كسول.. ولا مقعد في حافلة الدنيا للمخذول
ابدأ في طلب الأجر من الفجر، بقراءة وذكر، ودعاء وشكر، لأنها انطلاق الطير من وكورها، ولا تنس: (بارك الله لأمتي في بكورها)
العالم في حركة كأنه شركة، وقلبك خربة كأنه خشبة
والطير يغرد، والقمري ينشد، والماء يتمتم، والهواء يهمهم، والأسود تصول، والبهائم تجول، وأنت جثة على الفراش!! لافي أمر عبادة ولا معاش؟؟
نائم هائم.. طروب لعوب كسول أكول
ولا تقل الصبا فيه اتساع  * * *  وفكر كم صبي قد دفنت
تفرّ من الهجير وتتقيه  * * *  فهلا من جهنم قد فررت
أنت تفتر والملائكة لا يفترون، وتسأم العمل والمقربون لا يسأمون، بم تدخل الجنة!؟
هل طُعِنتَ في ذات الله بالألسنة؟ هل أُوذيت في نصر السنة؟
فانفض عنك غبار الخمول.. يا كسول
فبلال العزيمة أذن في أذنك فهل تسمع؟ وداع الخير دعاك فلماذا لا تسرع؟ {يا أيها الذين ءامنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}
ولابد للهمم الملتهبة أن تنال مطلوبها، ولابد للعزائم المتوثبة أن تدرك مرغوبها، سنة لا تبدل، وقضية لا تحوّل
سوف تأتيك المعالي إن أتيت  * * *  لا تقل سوف عسى أين وليت
قل للمتخلفين اقعدوا مع الخالفين، لأن المنازل العالية والأماني الغالية تحتاج إلى همم موارّة، وفتكات جبارة، لينال المجد بجدارة
وقل للكسول النائم.. والثقيل الهائم.. امسح النوم من عينيك، واطرد الكرى من جفنيك، فلن تنال من ماء العزة قطرة، ولن تر من نور العلى خطرة، حتى تثب مع من وثب، وتفعل ما يجب، وتأتي بالسبب
ألا فليهنأ أرباب الهمم .. بوصول القمم
وليخسأ العاكفون على غفلاتهم في الحضيض، فلن يشفع لهم عند ملوك الفضل نومهم العريض
وقل لهؤلاء الراقدين: {إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين}
فهبوا إلى درجات الكمال نساء ورجالا، ودرّبوا على الفضيلة أطفالا {انفروا خفافا وثقالا}